كتاب محاسبة الحكام

كتاب محاسبة الحكام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبين، وإمام المرسلين نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته المخلصين المجاهدين ... وبعد،،،
يواجه حملة الدعوة الإسلامية الواعية المخلصة ــ التي تعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة الخلافة الراشدة لتطبيق الإسلام وحمل دعوته إلى العالم ــ حملة دعائية شرسة من الأنظمة المتسلطة على رقاب المسلمين، تلك الأنظمة التي استمرأت الحكم بغير ما أنزل الله، ومصادرة حقوق الأمة في السلطان ومحاسبة الحكام على أساس الإسلام، فضلاً عن غرقها في مستنقع موالاة الكفار، والعمالة لدول الكفر المستعمرة، وتفريطها التام في رعاية شؤون المواطنين، وإضاعتها لحقوقهم الفردية، والجماعية.
ولقد نجحت أنظمة الكفر والطغيان هذه في إستغفال عدد لايستهان به من علماء المسلمين الذين ينقصهم الوعي بالواقع المحلي والعالمي فأصبحوا بذلك عاجزين عن تنزيل حكم الله على هذا الواقع، كما نجحت هذه الأنظمة المجرمة في شراء ذمم قلة ممن ينتسبون إلى الفقه والدعوة والعلم الشرعي فانقلبوا إلى طابور خامس ينخر في كيان الأمة، ويصدر الفتوى تلو الفتوى لتبرير جرائم الحكام، والإعتذار عن تطبيقهم لأحكام الكفر وموالاتهم للكفاروعمالتهم للدول الكافرة المستعمرة.
لقد تفنن هؤلاء المفتونون ــ يتبعهم قطيع من المستغفلين ــ في البحث عن الشبهات، وتحريف الكلم عن مواضعه، وليّ أعناق النصوص للوقوف في وجه الدعاة المخلصين في محاولة يائسة لإطفاء نور الدعوة إلى الله، ولكن هيهات...هيهات {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون }.
ومن عجائب ما خرج به هؤلاء على الأمة زعمهم أن محاسبة الحكام بالكلمة الملفوظة والمكتوبة ماهي إلا غيبة محرمة، وأن نصيحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لايكون إلا سراً. فالمحاسبة والمناصحة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تجاه الحكام لا تكون، عند هؤلاء الضالين المفتونين إلا سراً، لأن الجهر بذلك من «كبائر الذنوب»، بزعمهم: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا}.
لذلك رأينا لزاماً علينا ـ إبراءً للذمة ووفاءً بالميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم بكتابه أن يبلغوه للناس ـ مراجعة هذه المفاهيم ودراستها دراسة عميقة، مستنيرة بنصوص الكتاب والسنة وأقوال الأئمة الأثبات الثقات من السلف الصالح الذين أجمعت الأمة على إخلاصهم، وترفعهم عن مداهنة السلطان، وبعدهم عن شبهة كتمان ما أنزل الله من البينات والهدى، ثم بعد تحرير المسائل، وإشباعها بحثاً، وضبطها، تقديمها للأمة بأدلتها التفصيلية: {ليحي من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة}.
{والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

أبو ماجـــد: محمد بن عبدالله المســعري

الخميس: 10 ذي الحجة 1422هـ
الموافق: 31 فبراير 2002 م