كتاب طاعة أولي الأمر حدودها وقيودها


كتاب طاعة أولي الأمر حدودها وقيودها

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّه وخَلِيلُه، وخِيرَتُه مِنْ خَلْقِهِ وحَبِيبُه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، (آل عمران؛ 3:102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، (النساء؛ 4:1) .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًاü يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، (الأحزاب؛ 33:70).
«إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ ْهَدْيِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلَى آله وَسَلَّمَ، وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ».

الحمد لله رب العالمين.الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. القائل في كتابه الكريم: {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
والصلاة والسلام التامة الكاملة على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المخلصين المجاهدين،،،
أَمَّا بَعْدُ: يواجه حملة الدعوة الإسلامية الواعية المخلصة التي تعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة الخلافة الراشدة لتطبيق الإسلام وحمل دعوته إلى العالم حملة دعائية شرسة من الأنظمة المتسلطة على رقاب المسلمين. تلك الأنظمة التي استمرأت الحكم بغير ما أنزل الله، ومصادرة حقوق الأمة في السلطان ومحاسبة الحكام على أساس الإسلام، فضلاً عن غرقها في مستنقع موالاة الكفار والعمالة لدول الكفر المستعمرة وتفريطها التام في رعاية شؤون المواطنين، وإضاعتها لحقوقهم الفردية والجماعية. ولقد نجحت أنظمة الكفر والطغيان هذه في استغفال عدد لايستهان به من علماء المسلمين الذين ينقصهم الوعي على الواقع المحلي والعالمي، فأصبحوا بذلك عاجزين عن تنزيل حكم الله على هذا الواقع، كما نجحت هذه الأنظمة المجرمة في شراء ذمم قلة ممن ينتسبون إلى الفقه والدعوة والعلم الشرعي فانقلبوا إلى طابور خامس ينخر في كيان الأمة، ويصدر الفتوى تلو الفتوى، لتبرير جرائم الحكام والاعتذار عن تطبيقهم لأحكام الكفر، وموالاتهم للكفار، وعمالتهم للدول الكافرة المستعمرة.
لقد تفنن هؤلاء المجرمون المفتونون ـ يتبعهم قطيع من المستغفلين في البحث عن الشبهات، وتحريف الكلم عن مواضعه، ولي أعناق النصوص، للوقوف في وجه الدعاة المخلصين، في محاولة يائسة لإطفاء نور الدعوة إلى الله، ولكن هيهات...هيهات: {ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.
ومن عجائب ما خرج به هؤلاء على الأمة، زعمهم أن طاعة أولي الأمر، التي فرضها الله على عباده المؤمنين، تعني طاعة الحكام الكفرة أو الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، وأنها فوق ذلك طاعة مطلقة غير مقيدة: {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً}.
لذلك رأينا لزاماً علينا ـ إبراءً للذمة ووفاءً بالميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم بكتابه أن يبلغوه للناس ـ مراجعة هذه المفاهيم ودراستها دراسة عميقة مستنيرة بنصوص الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة الأثبات الثقات من السلف الصالح، الذين أجمعت الأمة على إخلاصهم، وترفعهم عن مداهنة السلطان، وبعدهم عن شبهة كتمان ما أنزل الله من البينات والهدى.
ولما كانت الساحة تزخر بالكتب والكتيبات حول هذا الموضوع، منها التافه، الذي كتب بغرض الترويج للحكام، وتبرير جرائمهم، وتثبيط الناس عن محاسبتهم، ومنها الوسط، والقليل منها جيد حسن. من هذه الكتب الجيدة كتاب الدكتور عبد الله الطريقي (طاعة أولي الأمر). وقد حاول المؤلف في هذا الكتاب جمع شتات الموضوع، وتبيين حدود طاعة الأمير، وتصنيف الضوابط الشرعية لهذه الطاعة، إلا أن عدم وضوح مفهوم «التبني» وحدوده بالنسبة للدولة، وكذلك عدم الاستفادة مما فصلته «مذكرة النصيحة» المشهورة حول ضوابط التشريع، وتقييد المباح، جعل ذلك البحث القيم ناقصاً وأغرى النظام، نظام آل سعود الخبثاء، بتبنيه ــ أي تبني الكتاب ــ ونشره على أوسع نطاق أملاً من ذلك النظام الخبيث الكافر في تضليل عامة الناس وإرباك مفاهيمهم، وإن كان الكتاب حقيقة عند القراءة المدققة يعد خطراً عليهم وعلى نظامهم الطاغوتي.
لذلك رأينا إخراج هذا البحث الذي هو في الحقيقة تهذيب للكتاب الآنف ذكره مع إضافة قطع مهذبة من مصادر أخرى مثل «مذكرة النصيحة». أي هو تهذيب وتجميع لمصنفات ومؤلفات أخرى حسب طريقتنا في الجمع والتهذيب.
وللأمانة العلمية نوضح طريقتنا في التهذيب ألا وهي: إعادة كتابة مايراد تهذيبه بعد إعادة الترتيب والإختصار وإضافة فقرات من كلامنا عند الإقتضاء مع الإحتفاظ ــ في الجملة ــ بألفاظ المؤلف الأصلي، فالتهذيب عندنا أو سع وأشمل من مجرد الإختصار. أما التجميع فيعني إدخال قطع تمت صياغتها بطريقة التهذيب التي سبق ذكرها بحيث ينتج بحث أو كتاب متماسك.
إن طريقة التجميع والتهذيب هذه أكثر فاعلية في جمع شتات الفكر الإسلامي القديم والمعاصر في مدة قصيرة نظراً لتوفير الوقت الذي يضيع عادة على المؤلفين بالطريقة التقليدية في إعادة صياغة ما جمعوه بأسلوبهم الخاص.
نسأل الله العظيم أن ينفع به وأن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم إنه على كل شىء قدير وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا الى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.



أبو ماجـــد: محمد بن عبدالله المســعري

الخميس: 9 ذي الحجة 1422هـ
الموافق: 12 فبراير 2002 م